ذكرت صحيفة «التايمز» أن الرئيس السابق حسنى مبارك طلب من الأطباء إعطاءه أدوية تساعده على الانتحار، وأنا شخصياً لا أميل إلى هذا الرأى، وأعتقد أن هناك عدة نقاط فى شخصية مبارك تجعلنى أستبعد هذه المسألة، فكل ما نعرفه عن مبارك وما شاهدناه أثناء المحاكمة وما نشرته جريدة «الوطن» من طريقة حديث لا مبالية وتعليقات باردة ثلجية أثناء المحاكمة تجعلنا نجزم بأن مبارك ليس بالشخصية الانفعالية التى تنتحر، على عكس المشير عامر مثلاً، الذى أصدق أنه من الممكن أن ينتحر لأن أعصابه سلوك عارية، ولكن السؤال: إذا كان مبارك لم يحاول الانتحار لأنه كان واثقاً من البراءة، فهل سينتحر بعد أن عرف حكم المؤبد؟ سؤال لا نستطيع الإجابة عنه الآن، ولكننا سنذكر بعض الانطباعات عن الانتحار وسيناريوهاته.

صاحب المشاعر الجامدة لا ينتحر والشيخوخة أحياناً ترسخ هذا الجمود وهذه اللامبالاة، لكن لو حاول الانتحار ما هى السيناريوهات؟ المهدئات هى أشهر الأدوية التى يلجأ إليها من يحاول الانتحار، جرعة الانتحار توقف التنفس وتجعل الانتحار غير مؤلم، على عكس سموم أخرى مثل السيانيد، اللجوء إلى قاتلات الألم أو المسكنات غير الستيرودية فهذا يحتاج إلى كميات كبيرة حتى تحدث التسمم والقتل، وهذا مستبعد.

تناثرت حكايات وقصص أن مبارك يعالج بأدوية الاكتئاب، ولكن بعض التسريبات تنفى ذلك، ومن الممكن أن يكون قد أخذ جرعات مهدئة وليست أدوية اكتئاب، ومن الممكن أن يكون قد تناول مرة أو مرتين دواء اكتئاب قصير المفعول، خاصة عند رؤيته لمصير القذافى فى التليفزيون.

القتل الرحيم طريقة يقرها قانون بعض الدول الغربية بطلب من المريض الذى دخل فى آلام مبرحة من السرطان مثلاً، وبالطبع لن يتم هذا بطلب من مبارك أو غيره لأنه أولاً غير متوقع من مبارك، ثانياً: لا بد من مساعدة طبيب يحقنه على سبيل المثال حقنة هواء توقف عمل القلب.. إلخ، هنا فى مصر القتل الرحيم جريمة قتل سيعاقب الطبيب بسببها ولن يرحمه القانون، لذلك فهى مستحيلة.

مشاعر مبارك بعد صدور الحكم شىء فى علم الغيب ولا يمكن توقعه، هل هو ذهول أم هستيريا أم تبلد أم ندم؟؟ لا أستطيع التوقع، هل سيدخل سريعاً فى ألزهايمر إجبارى؟ هل سيدخل مرحلة الـDENIAL «الإنكار» وكأن شيئاً لم يحدث وأنا راجع راجع؟ حالة من التطمين المزيف!! هل ستنهار قدرته البدنية المذهلة على المقاومة بسبب أن رغد العيش هو الذى كان يمنحه تلك القدرة الفذة وعندما سيخرج من تلك الجنة ستبدأ الشيخوخة فى سن قوانينها الصارمة؟! كلها تساؤلات فى رحم الغيب وتكهنات لن يحسمها إلا مبارك نفسه الذى لم تعد لديه قدرة على حسم أى شىء إلا تلك التساؤلات.